1800 حالة اختناق في العراق بسبب عاصفة ترابية تضرب الجنوب والوسط
1800 حالة اختناق في العراق بسبب عاصفة ترابية تضرب الجنوب والوسط
شهدت محافظات وسط وجنوب العراق، الاثنين، عاصفة ترابية كثيفة تسببت في إصابة أكثر من 1800 شخص بحالات اختناق، وسط تحذيرات رسمية من تدهور الرؤية وتعطل الحركة الجوية والمخاوف من تصاعد الظواهر المناخية المتطرفة في البلاد.
استنفار طبي وإغلاق مطارات
أعلنت وزارة النقل العراقية في بيان أن العاصفة الترابية أدت إلى انعدام الرؤية الأفقية في عدة مدن، حيث تدنت المسافة إلى أقل من كيلومتر واحد، ما تسبب في توقف مؤقت لحركة الملاحة الجوية في مطاري النجف والبصرة، فيما أُغلق مطار البصرة بالكامل لبعض الوقت وفق فرانس برس.
وفي محافظات عدة، رفعت المؤسسات الصحية درجة الاستنفار. وسجلت محافظة المثنى وحدها أكثر من 700 حالة اختناق، تلتها البصرة بـ361 حالة، والنجف بأكثر من 250 إصابة، في حين سجّلت محافظة الديوانية 322 حالة، وذي قار 174 حالة وفق بيانات أولية.
صور مأساوية في الشوارع
في النجف، وثّق مراسلو الصحافة مشاهد لرجال الشرطة والمارّة وهم يضعون الكمامات وسط سحب كثيفة من الغبار تغمر المدينة، في حين أظهرت إحدى اللقطات مسعفًا يمدّ رجلاً بأسطوانة أوكسجين لإنقاذه من الاختناق.
كما سجلت النجف خمسة حوادث سير بسبب تدني الرؤية، ما يسلّط الضوء على الأخطار المتعددة التي تحملها هذه العواصف، من تهديد مباشر لصحة السكان إلى تعطل الخدمات اليومية وحركة التنقل.
أرجعت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي هذه الموجة إلى نشاط رياح سطحية محملة بالغبار مصدرها شرق السعودية وجنوب غرب العراق، وتوقعت أن تتراجع حدة العاصفة خلال الليل، مع بقاء آثارها صباح الثلاثاء بشكل أخف.
العراق في مواجهة تغير المناخ
رغم انخفاض وتيرة العواصف الترابية في عامَي 2023 و2024، إلا أن عددها وشدتها قد ارتفعا خلال السنوات الأخيرة، في ظل تصنيف العراق ضمن أكثر خمس دول تضررًا من التغير المناخي، بحسب الأمم المتحدة.
ويحذر خبراء البيئة من أن استمرار فقدان الغطاء النباتي وتدهور الأراضي قد يؤدي إلى تكرار مثل هذه العواصف بوتيرة أعلى، ما يشكل تهديدًا متزايدًا على صحة السكان، خاصة أولئك المصابين بأمراض تنفسية مزمنة وكبار السن.
وتشكّل العواصف الترابية واحدة من أبرز التحديات البيئية التي تؤثر بشكل متزايد في الحياة اليومية والقطاع الزراعي في العراق، فإلى جانب الأخطار الصحية المباشرة، تتسبب هذه الظواهر في إتلاف المحاصيل الزراعية، وتدهور التربة، وانخفاض الإنتاج الغذائي، ما يزيد من أعباء الأمن الغذائي في بلد يعاني أصلاً شح المياه وتراجع المساحات المزروعة.
وعلى المستوى المجتمعي، تعطل العواصف الترابية حركة التنقل، وتؤدي إلى إغلاق المدارس والدوائر الحكومية، كما تؤثر في كفاءة البنية التحتية، وتزيد من تكاليف الرعاية الصحية نتيجة ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، خاصة بين الأطفال والمسنين.
وتشير تقارير بيئية دولية إلى أن تفاقم هذه العواصف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتغير المناخ، والتصحر، وانخفاض الغطاء النباتي، ما يجعلها ظاهرة مرشحة للتصاعد ما لم تُتخذ تدابير جادة للتكيف والمواجهة البيئية.